<< "الصحة
العالمية": حالة انتحار كل 40 ثانية في العالم و800 ألف سنويًا
<< الانتحار يقل في
العالم العربي بسبب التدين.. ولكنه يزيد بين الشباب بسبب العنوسة والبطالة
كشفَ تقريرٌ نشرتْه منظمة
الصحة العالمية اليوم الجمعة بعنوان: "منع الانتحار: ضرورة
عالمية"، عن أن الانتحار أضحى مشكلة خطيرة على الصحة العامة في جميع أنحاء
العالم، وأنّه في كل عام، يقضي أكثر من 800 ألف شخص نحبهم منتحرين، وهو ما يعني
حالة انتحار كل 40 ثانية تقريبًا.
وقال تقرير "الصحة العالمية" أن معنى هذه الأرقام
أنه في كل عام، يزهق الانتحار أرواحًا أكثر من ضحايا جرائم القتل والحروب معًا،
ونوَّه لأن حالات الانتحار في الدول العربية أقلّ من غيرها بسبب انتشار التديُّن
الإسلامى.
ويتزامن إطلاق التقرير مع اليوم العالمي لمنع الانتحار الذي
يوافق العاشر من سبتمبر، وهو ما دعا منظمة الصحة العالمية لمناشدة دول العالم لوضع
وتنفيذ استراتيجيّات شاملة لمنع الانتحار في جميع أنحاء العالم.
ويسلّط التقريرُ، وهو أول تقرير عالمي من نوعه حول منع
الانتحار، الضوءَ على هذه القضية ومحاولات الانتحار وجهود منعها، ويحدّد الطرق
والأساليب المعزّزة بالأدلة لصياغة السياسات ووضع برامج الوقاية التي يمكن تطبيقها
وفقًا للظروف والبيئات المختلفة.
منع الانتحار ضرورة عالمية
ويعدّ تقرير “منع الانتحار: ضرورة عالمية” أحدث توثيق شامل
للحالة الحالية لجهود منع الانتحار في جميع أنحاء العالم تصدره المنظمة الدولية،
ويأتي التقرير في أعقاب تطبيق مجلس الصحة العالمية لخطة العمل الشاملة حول الصحة
العقلية 2013- 2014 التي تلتزم بموجبها الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية
بتقليل معدلات الانتحار بنسبة 10 في المائة حتى حلول عام 2020.
الانتحار لدى العرب أقل من غيرهم
ويقول تقرير الصحة العالمية إنّ معدلات الانتحار التقديرية في
إقليم شرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية (الذي يضم 17 دول عربية من 22 دولة)،
تبدو عمومًا أقلّ بكثير من الأقاليم الأخرى لمنظمة الصحة العالمية.
ويفسر الدكتور علاء الدين العلوان، المدير الإقليمي لشرق
المتوسط لمنظمة الصحة العالمية ذلك قائلًا: “قد تفسّر لنا المعتقداتُ الدينية
والعادات الاجتماعية والثقافية تجاه الانتحار ومحاولاته، إلى حدٍ ما، أسبابَ
انخفاض معدلات الوفاة بالانتحار في هذا الإقليم عن غيره من أقاليم العالم”؛ أي إن
الدين يلعب دورًا في تقليل الانتحار في المنطقة العربية.
ولكنه يقول إنه مع ذلك، هناك أدلة على أن معدلات الانتحار
مرتفعة نسبيًّا بين فئات عمرية محددة في الإقليم الشرق أوسطي خاصة بين الشباب
(العربي) من الرجال والنساء الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة والرجال والنساء
من عمر 60 عامًا فأعلى، ويحدث الانتحار في الغالب نتيجة لسلسلة من الأحداث
والعوامل على مدار حياة المرء وليس نتيجة لحدث أو عامل واحد.
كيفية منع الانتحار
ويشير الدكتور علاء الدين العلوان، المدير الإقليمي لشرق
المتوسط لمنظمة الصحة العالمية إلى أن هناك الكثير مما يجب فعله لمنع الانتحار
قائلًا: “لا بدّ من وضع سياسات وسنّ إجراءات تشريعية، ويتطلب الأمر بالتزامن مع
ذلك تعزيز الوعي العام والمهني بالانتحار كمشكلة صحة عامة، من أجل زيادة المساحة
المخصصة لمناقشتها بعقلانية واتخاذ الإجراءات والتدابير الكفيلة بمنع الانتحار.”
على سبيل المثال، ينبغي وضع استراتيجيات تحظر الوصول لأساليب
الانتحار الشائعة مثل الأسلحة النارية أو المواد السامّة مثل مبيدات الحشرات،
والوقاية والعلاج من الاكتئاب والكحول وتعاطي المخدرات، ومتابعة التواصل مع الذين حاولوا
الانتحار وجميعها أثبتت فعاليتها في تقليل معدلات الانتحار.
ويضيف الدكتور العلوان: “من الضروري تحسين كفاءة توثيق حالات
الانتحار والإبلاغ عنها من أجل صياغة الاستراتيجيات المطلوبة وأساليب التدخل”.
وتزداد الحاجة إلى ذلك خاصّة أن عددًا من الدول تشهد أزمات
إنسانية حادة و/أو مستمرة تسهم في ارتفاع معدلات الانتحار بسبب التعرض المستمر
للمعاناة والنكبات الاضطرابات العقلية ونقص كفاءة وقدرات المؤسسات الصحية
والاجتماعية التي تقدّم العون الذي تمس الحاجة إليه.
يزخر تقرير “منع الانتحار: ضرورة عالمية” بعدد كبير من المصادر
من القطاعين الصحي وغير الصحي التي تعين الحكومات على وضع وتنفيذ الاستراتيجيات
الفعالة لمنع الانتحار.
العنوسة والبطالة وراء انتحار الشباب
وتشير دراسات اجتماعية إلى أن العنوسة والبطالة هما أبرز أسباب
الانتحار لدى الشباب بجانب قصص الحب الفاشل بين المراهقين.
وكشفت إحصائية صادرة عن المركز القومي للسموم التابع لجامعة
القاهرة عن تزايد أعداد الشباب المصريين المنتحرين بسبب العنوسة والبطالة، وإقدام
حوالي 2700 فتاة مصرية على الانتحار سنويًّا بسبب العنوسة، وإقدام العديد من
الشباب على الانتحار أيضًا بسبب البطالة وصعوبة الزواج، خصوصًا ممّن يعيشون قصصًا
غرامية.
وأظهرت قصص عديدة لشباب انتحروا بسبب قصص حب فاشلة، ففي يونيو
2010 أقدم شاب من الجيزة بمصر على الانتحار من أعلى كوبري قصر النيل بشنق نفسه من
أعلى الكوبري بالحبل ليتدلى منه منتحرًا بعد فشله في تدبير نفقات زواجه من حبيبة
القلب بعد أن التحمَ في قلب الشاب اليأس بالعجز والغيظ من ضعف إمكاناته المادية
وقلّة حيلته في تحقيق حلم حياته، فأحضر حبلًا وتوجه لكوبري قصر النيل وربطه في
عنقه ثم ربط الجزء الآخر منه بالسور ثمّ كتب رسالة مفادها: “انتحرت من أجلك وأحبك
ولا أستطيع أن أعيش بدونك والحياة ليس لها معنى طالما لن تكوني بجواري”.
كما انتحرت أستاذة جامعية يوم 27 يونيو 2011 بمدينة 6 أكتوبر
لعدم زواجها رغم تخطيها الأربعين، حيث قامت بإلقاء نفسها من الطابق الثالث من
العقار الذي تقيم فيه ولكنها لم تلق مصرعها فمزقت شرايينها ببقايا زجاجة مياه
غازية ولفظت أنفاسها الأخيرة قبل نقلها إلى المستشفى وتبيّن أن المجني عليها تعمل
بكلية التمريض جامعة عين شمس وأنها وصلت إلى سنّ الأربعين ولم تتزوج، وكانت تمر
بحالة نفسية سيئة منذ فترة بسبب عدم زواجها.
وتكشف الإحصاءات عن ارتفاع حالات الانتحار بين المصريين
سنويًّا، بسبب البطالة والعنوسة والخيانة الزوجية، وأن القفز من أماكن عليا أو
القفز أمام عجلات مترو الأنفاق أسرع وسيلة للتخلص من الحياة .
كما أقدم شاب سعودي على الانتحار بإطلاق النار على نفسه، في
مارس الماضى 2014 في منزله بمحافظة ظباء شمال غرب المملكة العربية السعودية،
وتبيّن أن المتوفى بالعقد الثالث من العمر، عاطل عن العمل يعاني مرضًا نفسيًّا حسب
إفادة ذويه.
فيما كشف تقرير صادر عن وزارة الصحة السعودية عن 397 حالة
انتحار أخرى فحصها الطب الشرعي تمت بوسائل مختلفة؛ منها رمي النفس من أبنية
مرتفعة، أو الشنق، أو استعمال السم، أو الطلق الناري، أو حرق الجسد.
وأظهرت دراسة مصرية أن هناك 3708 حالة انتحار تمت في مصر خلال
العام 2007، وأن نسبة المنتحرات من الإناث كانت أكثر من الذكور لتصل إلى 68%
للإناث مقابل 32% للذكور.
وسبق أن سجلت إحصائيات المركز القومي للسموم التابع لجامعة
القاهرة وقوع 2355 حالة انتحار بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 22 و23
عامًا، خلال عام واحد طبقًا للإحصائيات الرسمية. وقال خبراء اجتماع إنّ تزايد
حالات انتحار الشباب نتيجة للبطالة وعدم توافر فرص العمل حتى سن متأخرة للشباب.
وتشير دراسات أمنية مصرية إلى أن نسبة من الشباب المصري
والعربي الذي أقبل على الانتحار ترجع إلى بطالة هؤلاء الشبان وشعورهم باليأس وأنهم
عالة على أسرهم التي ربتهم وعلمتهم وظلوا في كنفها حتى بلغت أعمار بعضهم سن 40
عامًا بدون عمل أو زواج أو أمل في مستقبل مهنيّ محترم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق